مقدمة عن التعريفات الإجرائية
مفهوم التعريف الإجرائي في البحث
أهمية التعريف الإجرائي للمتغيرات في البحث
أمثلة على التعريفات الإجرائية
المقدمة:
بعد أن تم تحديد المتغيرات المكونة للنموذج المعرفية، ووضع الفرضيات على ضوء ذلك، وبعد تحديد هدف البحث، ووحدة التحليل، فإن الخطوة التالية في عملية التصميم هي التعريف الإجرائي لمتغيرات النموذج وقياسها، وسنتناول الآن مفهوم التعريف الإجرائي بشيء من التفصيل.
مفهوم التعريف الإجرائي:
يمثل تعريف المتغيرات المكونة للنموذج المعرفي الإطار النظري جزءاً مكملاً للبحث، وعنصراً مهماً في تصميمه، وبدون تعريف هذه المتغيرات بطريقة ما، لن نكون قادرين على اختبار الفرضيات والحصول على إجابات المشكلة البحث، هذا وهناك على الأقل نوعان من المتغيرات المصطلحات two types of variables متغيرات يمكن تعريفها وقياسها بسهولة وبشكل دقيق، وهي المتغيرات المرتبطة بحقائق موضوعية، مثل: العمر الخبرة الطول الجنس، ضغط الدم، معدل النبض، ودرجة الحرارة، والنوع الآخر الأكثر غموضاً، هي المتغيرات التي لا يمكن قياسها بسهولة ودقة بسبب طبيعتها الذاتية، مثل: المشاعر الذاتية للفرد الاتجاهات المعتقدات المواقف والانطباعات الفردية، ومع ذلك.
وعلى الرغم من عدم وجود أداة قياس مادية لها كما هو الحال بالنسبة لقياس المتغيرات الأخرى المرتبطة بحقائق موضوعية كالسن الخبرة…. الخ)، فهناك أسلوب لقياس المشاعر الذاتية والانطباعات الفردية، وهذا الأسلوب يقوم على أساس تفكيك reduce وتجزئة الأفكار والمفاهيم المجردة، مثل: مفاهيم الحافز الرضى الوظيفي، وسلوك المستهلك، إلى أبعادها Dimension وعناصرها Elements الأساسية، وهذا الأسلوب يسمى بالتعريف الإجرائي Operational
أي أن التعريف الإجرائي يعني :
تحويل المفهوم النظري (المجرد إلى عبارات محددة وواضحة قابلة للقياس، وذلك من خلال تفكيك Reduce وتجزئة Break Down المفهوم النظري (المجرد) إلى أبعاده وعناصره الأساسية.
أهمية التعريف الإجرائي للمتغيرات في البحث:
إن التعريف الإجرائي للمتغيرات المصطلحات التي يتضمنها النموذج المعرفي له أهمية كبيرة للأسباب التالية :
1- أن تعريف المصطلحات إجرائياً يساعد الباحث في الالتزام بحدود التعريف الذي وضعه للمصطلح (المتغير) عندما يكتب ويناقش ويدافع عن بحثه، وينبغي أن يكون التعريف موجزاً محدداً وشاملاً، وأن لا يشمل تعريف مصطلح واضح الدلالة.
2- أن مفهوم المصطلحات يختلف من شخص إلى آخر، وذلك بحسب ثقافة الشخص، وخبرته ومستوى تأهيله، وخلفيته الاجتماعية… الخ، فإذا لم يحدد الباحث ماذا يعني كل مصطلح من المصطلحات التي يستخدمها في بحثه .. فإن ذلك سيؤدي إلى أن يفهم كل شخص معاني هذه المصطلحات بطريقته الخاصة التي يراها مناسبة له، فمثلاً إذا كان أحد المتغيرات التي يتناولها الباحث في بحثه هو متغير مستوى الإنتاج العالي للعامل، ولم يحدد الباحث المقصود بمستوى الإنتاج العالي للعامل، فقد يفسر أحد القراء مستوى الإنتاج العالي بمقدار 100 وحدة في اليوم، ويفسرها آخر بمقدار 150 وحدة في اليوم، بينما يفسرها ثالث بمقدار 200 وحدة في اليوم…. وهكذا.
لذا – فلابد للباحث من أن يحدد بصفة قاطعة أنه يقصد بمستوى الإنتاج العالي للعامل هو 150 وحدة في اليوم مثلاً، وبذلك يزيل أي مجال لتفسير آخر لمستوى الإنتاج العالي للعامل.
3- هناك الكثير من المفاهيم التي تحمل معنى واسعاً وغامضاً ومجرداً وغير محدد، وبالتالي فلابد للباحث أن يحدد بصفة قطعية ماذا يقصد بها بالتحديد في البحث الذي يجريه، ومن هذه المفاهيم مثلاً: الحرية، الكرم البخل الحار، البارد، الكثير القليل، الطقس، الرضى الوظيفي الحافز… الخ، لذا لابد للباحث أن يحدد من خلال تعريفاته الإجرائية ما المقصود بالتحديد بكل مصطلح من هذه المصطلحات.
والمزيد من التوضيح، سنتناول الأمثلة:
مثال
لو أن أحد الباحثين يناقش مشكلة العلاقة بين مستوى أداء العامل بقسم الإنتاج في مصنع اللواء والمؤهل العلمي الذي يحمله العامل، فإن على الباحث أن يعرف ويوضح وبما لا يدع مجالا للشك المقصود بمستوى أداء العامل، والمقصود بالمؤهل العلمي الذي يحمله أي أن على الباحث أن يحول المفهوم العام المجرد مستوى أداء العامل) إلى عبارات يمكن قياسها، وأن يحول جملة (مؤهل علمي) إلى عبارات يمكن قياسها أيضاً، وذلك على النحو التالي : فقد يقسم الباحث مفهومه مستوى الأداء إلى أربع مستويات هي : مستوى أداء عال – 150 وحدة في اليوم مستوى أداء متوسط – 120 وحدة في اليوم مستوى أداء ضعيف – 90 وحدة في اليوم مستوى أداء ضعيف جدا – 50 وحدة في اليوم، وكذلك بالنسبة لتفسير الباحث المفهوم المؤهل العلمي الذي يحمله العامل، فقد يقسم الباحث المستويات العلمية للعامل على النحو التالي : مستوى التعليم العالي – ماجستير فما فوق مستوى التعليم المتوسط – بكالوريوس، مستوى التعليم المنخفض – ثانوية عامة، هذا ولابد من الإشارة هنا إلى أنه قد يأتي باحث آخر ويدرس نفس المشكلة، ولكنه يعطي المصطلحات تفسيرات مختلفة، كأن يقول : إن مستوى الأداء العالي – 100 وحدة في اليوم، وليس 150 وحدة في اليوم، كما هو الحال لدى الباحث السابق، ثم يعتبر المؤهل العالي هو البكالوريوس وليس الماجستير…. وهكذا ، وبالتالي فإنه يصل إلى نتائج تختلف عن النتائج التي توصل إليها الباحث السابق، وفي كلا الحالتين فإن الباحثين على صواب، لأن كلا منهما خرج بنتائج تتفق وتفسيراته المعاني المصطلحات التي وصفها.
مثال
لو قام أحد الباحثين بدراسة مشكلة تناقص حجم الإنتاج في شركة النصر لإنتاج المشروبات الغازية، ومن خلال تحليله للمشكلة وأسبابها توصل الباحث إلى النموذج المعرفية، ومن ثم الفرضيات التالية :
هناك علاقة بين مدى توفر المواد الخام وحجم الإنتاج
هناك علاقة بين نوع الآلات المستخدمة وحجم الإنتاج
هناك علاقة بين مدى صيانة الآلات المستخدمة وحجم الإنتاج
هناك علاقة بين مدى تدريب العاملين وحجم الإنتاج
هناك علاقة بين الانضباط الوظيفي وحجم الإنتاج
فإن على الباحث هنا أن يقوم بتفكيك وتحليل كل متغير من هذه المتغيرات حتى يستطيع قياسها ، بمعنى أنه لابد أن يقوم بتحديد معنى كل عنصر من المتغيرات التالية:
تناقص حجم الإنتاج، توفر المواد الخام، نوع الآلات المستخدمة، صيانة الآلات المستخدمة، تدريب العاملين، الانضباط الوظيفي.
وبمعنى آخر … على الباحث أن يحدد بطريقة واضحة ما الذي يقصده في البحث الذي يجريه بمفهوم تناقص حجم الإنتاج، ومفهوم توفر المواد الخام…. الخ، حتى يتمكن من وضع الأسئلة المناسبة لكل متغير من هذه المتغيرات
مثال
لو رغب أحد المدرسين قياس مستوى التعليم لدى طلابه في الفصل، فكيف يمكنه القيام بذلك؟، بتعبير آخر كيف يمكن للمدرس قياس هذا المفهوم التجريدي (النظري) المسمى بالتعليم .
إن المدرس – هنا – يحتاج إلى تعريف هذا المفهوم تعريفاً إجرائياً definition operational ، أي تحليله وتفكيكه إلى أبعاده denestions وعناصره elements المختلفة، فأبعاد التعلم هنا هي الفهم understanding ، أي أن يفهم الطالب ما تلقاه وتعلمه من مدرسه، والتذكر remembering، أي أن يتذكر الطالب المعلومات والدروس التي تلقاها من مدرسه، والتطبيق applying أي استفادة الطالب مما درسه في حياته العملية، أي يطبقه في الواقع. ومن الضروري أيضا أن تحلل هذه الأبعاد الثلاثة إلى عناصر محددة، حتى يمكن بذلك قياس مفهوم التعلم، فالمدرس يستطيع قياس مدى فهم الطلاب وتذكرهم وتطبيقهم لما تعلموه من خلال طرح مجموعة من الأسئلة، فلو افترضنا أن الموضوع الذي يريد المدرس قياسه هو موضوع الدوافع motivations الذي يدرسونه في مجال السلوك التنظيمي، فيمكن طرح العديد من الأسئلة، منها. عرف مفهوم الدوافع تقيس التذكر)
عدد نظريات الدوافع وأشرحها مع إعطاء أمثلة تقيس الفهم والتذكر)، ما هو رأيك في قدرة المدير على خلق الدوافع لدى العاملين تقيس القدرة على الفهم والتحليل، اشرح أوضاعا (حالات) ثلاثة يمكن فيها للمدير استخدام نظرية المساواة theory equity theory، ونظرية التوقع expectancy في العمل، لدفع العاملين للعمل تقيس القدرة على التطبيق…. وهكذا.
المراجع:
– العريقي، منصور محمد اسماعيل. (2013). طرق البحث للباحثين في العلوم الإدارية والتسويقية والمالية والمصرفية. ط4، مركز جامعة العلوم والتكنولوجيا.
– معاذ الحميدي https://twasoll.com/?page_id=43